بقلم / جعفر محيي الدين  / النجف

فوز ممداني المسلم بمنصب عمدة نيويورك يمثل حدث استثنائي يثير الدهشة ويستحق القراءة بين السطور، أن يقود مسلم واحدة من أهم الولايات الأميركية، التي لطالما كانت مركز النفوذ السياسي والاقتصادي، ويجمع بين خزائن ضخمة وتاريخ سياسي معقد، هو أمر فريد على مستوى العالم ويثير أسئلة كثيرة حول طبيعة القيادة وقدرتها على الجمع بين التنوع والمصلحة العامة.

ما يجعل هذا الفوز أكثر إثارة، هو مواجهة ممداني لشخصية قوية مثل دونالد ترامب، يعد بمثابة كابوس وتغلب على نفوذه في ساحة سياسية تتسم بالصلابة والتنافس الشديد، المسلم في هذا السياق ليس رمز فقط، بل يظهر كقائد قادر على إدارة ولاية حيوية، وحشد ثقة جمهور متنوع، رغم أن التاريخ في بعض المناطق العربية عكس نظرة متوترة تجاه قيادات مسلمة في السلطة، كيف يصبح المسلم هنا قادر على إدارة كل الفئات، والتوازن بين الرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذا يظل لغزاً مذهلاً ومثيراً للاستغراب.

القدرات التي يبدو أنها مكنت (ممداني) من هذا النجاح تشمل المرونة السياسية، قدرة على التوافق مع مختلف المكونات، مهارات تفاوض عالية، ورؤية واضحة لإدارة ولاية مركزية، تحترم التنوع وتحوله إلى قوة سياسية، وفي ظل هذا الإنجاز، يطرح التساؤل هل نجاحه يعكس نموذج قيادة حقيقي يمكن أن يقتدي به حكام آخرون، أم أنه جزء من استراتيجية أوسع، تشمل صورة إعلامية ورسائل سياسية تتعلق بالعلاقات الدولية، وربما تمهيدا لفهم جديد لدور المسلمين في إدارة مجتمعات متعددة؟

مهما كانت الإجابات، يظل زهران ممداني حالة استثنائية مسلم يقود واحدة من أعقد الولايات الأميركية، يجمع بين التحدي والقدرة على إدارة التنوع، ويعيد رسم ملامح السياسة بواقعية وعقلانية، في تجربة تدهش وتلهم، وتطرح أسئلة عميقة حول القيادة، التنوع، والرمزية في عصر السياسة الحديثة.