![]() |
|
28
يونيو
2025
|
وقد أقترب ميعادنا مع الحسين صرخة الضمير في زمن الإنكسار
نشر منذ 4 ساعة - عدد المشاهدات : 26
|
بقلم الكاتب : جعفر محي الدين/ النجف
في كل عام حين يقترب محرم تهتز القلوب من
أعماقها و كأنها توقظ ذاكرتها على موعدٍ أزليّ لا يسقط بالتقادم ، إنه الميعاد مع
الحسين ليس كرمز تاريخي ، بل كصوتٍ عابر للقرون
يوقظ فينا السؤال الأصعب أين نقف ..؟
الحسين عليه السلام لم يُقتل فقط في صحراء
قاحلة ، بل أنتُزع من ضمير أمةٍ أستمرأت الصمت و تآلفت مع الظلم و أستبدلت راية
النبي براية السلطان .
و اليوم بعد أكثر من ألف عام لا تزال
عاشوراء تُعلن أن الدم الذي سال على ضفاف الطف ، لم يكن إلا بداية لمواجهة لا تهدأ
، بين القيم و المصالح بين الحق و السلطة بين الكلمة و السيف .
مأتمٌ في القلب و موقفٌ في السلوك ..!!
الوجدان الشعبي لا يبخل في حب الحسين ولا
في البكاء عليه ولا في أستذكار ظلامته ،
لكن السؤال الجوهري يبقى هل تحوّل هذا الحب
إلى موقف ..؟ هل أصبح البكاء وعياً ..؟ و هل غدت المجالس مدرسةً للرفض أم طقساً
للتفريغ العاطفي ..؟
أن نذكر الحسين في العزاء و نخون مبادئه في
الميدان فهذه ليست محبة .
أن نرفع رايته و نقف على الحياد أمام الظلم
، فهذه ليست بيعة
أن نهتف (لبيك يا حسين) و نصمت عن القهر ،
فهذه ليست نصرة
الحسين لم يخرج يطلب السلطة ، بل خرج ليقول
لا في زمنٍ عمّهُ الصمت
و لذلك ، فإن أعظم خيانةٍ له أن نُفرغ
نهضته من مضمونها ، و نحوّلها إلى مناسبة موسمية تُمجّد الألم و تنسى الهدف .
عاشوراء ليست للبكاء فقط ..!!
الحسين لا يريد منا البكاء وحده ، بل أن
نكون إمتداداً لصوته ، أن نعيش و نتصرّف كأننا من أصحابه أن نؤمن أن كل لحظة فيها
ظلمٌ أو قهر أو تزوير للحق ، هي كربلاء جديدة
أن نفهم أن المعركة لا تزال قائمة ، و أن
يزيد العصر لا يزال حياً ، في وجوهٍ مختلفة و شعاراتٍ متغيّرة ، لكنه يحمل المضمون
ذاته الإستبداد و التزييف باسم الدين .
متى نكون حسينيين حقًا ..؟
أن نكون حسينيين يعني أن نملك الجرأة لنقول
الحق حق و لو كان مراً ، و الباطل باطل و لو علا صوته .
يعني أن نربي أبناءنا على الكرامة لا على
الخنوع ..
أن نرفض المساومة على القيم ، حتى لو كنا
وحدنا في الميدان .
أن نعيش كما عاش الحسين لا كما صفق له من
خذلوه.
الحسين يمتحننا .. كل عام يعود محرم لا
ليذكّرنا بما جرى فقط ، بل ليمتحنّا هل تغيّر شيء في ضمائرنا ..؟
هل صرنا أقرب إلى الحسين ، أو إلى أولئك
الذين بايعوا ثم خذلوا ..؟
هل ما زلنا نحمل الحسين في قلوبنا ، أم
تركناه في كتب المقاتل ، و في المجالس التي نخرج منها كما دخلنا ..؟
و قد دخلنا الميعاد …
فليكن هذا العام موسماً للمراجعة لا فقط
للندب .
فليكن موسماً يُنقّي فيه كلٌّ منّا ولاءه ،
و يمسح عنه غبار العادة .