![]() |
|
|
26
نوفمبر
2025
|
حين خنق السيد الصدر الفتنة بخطوة واحدة // امير الكليدار _النجف
نشر منذ 59دقيقة - عدد المشاهدات : 81
|
نعم… وما زلتُ أُصِرّ أن “الغرفة الزجاجية” لم تكن وليدة لحظة عابرة، ولا مشهداً عفوياً كما حاول البعض تصويره؛ بل كان خلفها أمر ما، مخطّطٌ يُراد تمريره بصمت، خصوصاً بعد تدخل السيد السوداني لها.
فمن الواضح أن تلك الغرفة كانت تحمل وظيفة تتجاوز حدود الدعاية إلى مساحةٍ أعمق وأخطر.
غير أنّ السيد مقتدى الصدر، بقراءته العميقة للشارع العراقي، التقط الشرارة قبل أن تتحول إلى نار.
فخطوته بالتبرع — التي أراد البعض تسييسها — لم تكن مجرد مبادرة إنسانية، بل رسالة أمنية ـ اجتماعية شديدة الوضوح: أنّ أي مخطّط يُراد له أن يمرّ عبر الرمزية أو عبر السيطرة على مشاعر الناس، سيتم إنهاؤه قبل أن يبدأ.
فلو كان هدف الغرفة الزجاجية هو صناعة واجهة جديدة، أو خلق محورٍ يُستثمر سياسياً، فقد قطع السيد الصدر الطريق عليهم تماماً.
خصوصاً وان السيد لم يقصِد الغرفة، ولم يقف تحت أضوائها، ولم يبارك وجودها، بل تصرف بحكمة المراقب الذي يدرك أن هناك خيط خفياً يُسحب في الخلف، فكان تبرّعه خنقاً لذلك الخيط قبل أن يتحول إلى حبلٍ يُلتفّ حول عنق الشارع العراقي.
وتبرّعه لم يكن مالًا يسهل توظيفه، بل كان تلبية دقيقة للحاجة: عربات كهربائية تخدم اصحاب الحاجة بلا ضجيج، بلا استعراض، بلا أي منفذ للتأويل.
وهذه الدقة وحدها كانت كافية لكشف المبالغة الإعلامية التي حاول البعض جرّ الجمهور إليها.
والأجمل — بل الأشد دلالة — أنّ الغرفة اختفت بعد زيارة السيد مباشرة.
وهذا وحده يكشف كل شيء: أن وجودها كان جزءاً من لعبة، وأن حكمته في التعامل معها منعت مشهداً كان يمكن أن يتحول إلى “مطعم تركي” جديد… وفتنة لا تُردّ.
فالسيد مقتدى لا يحتاج منصةً زجاجية ليظهر عبرها؛ حضوره واضح كوضوح الشمس، ومؤسسته الاجتماعية ـ الدينية قائمة كالبنيان المرصوص، تكفي وحدها لتقويض الإشاعات التي امتدت حتى غزة ولبنان وغيرها.
وكلما حاولت جهةٌ صناعة واجهةٍ تستثمر بها، جاء تدخّله الهادئ ليُسقِط اللعبة بأكملها دون ضوضاء.
هذه هي القراءة التي لا يجرؤ كثيرون على الاعتراف بها: أن الغرفة لم تُرفَعِ صدفة… بل رُفِعَت لأن هناك من قرأ ما بين السطور، فأسقط الفتنة قبل أن تُعلَن.
وبالتالي… من تبرّع لهم السيد الصدر هم عراقيون، أبناء هذا البلد، وليسوا لندنيين ولا جورجيين، ولم يشدّ الرحال إلى أقاصي الدنيا ليُلبّي رغبات جهاتٍ مجهولة تُوظِّف المشهد كما تشاء.
والاهم ان تبرّعه كان في قلب العراق، وبين أبناء العراق، ولخدمة اصحاب الحاجة في العراق… فلا مجال لجرّه إلى دائرة التأويل، ولا لإضفاء شرعية لغرفةٍ أُريد لها أن تتحول منصة فتنة أكثر منها خدمة اجتماعية.
فمن أراد استغلال التبرع ليمنح “الغرفة الزجاجية” شرعية مصطنعة، فقد سقط مسعاه من اللحظة الأولى؛ لأن المعيار الحقيقي ليس الصورة، بل النية والجهة والموضع.
لقد أرادوا أن يجعلوا من الغرفة رمزاً، فجاء الفعل الصدري ليُعيد الأمور إلى حقيقتها: خدمة العراقيين لا تحتاج منصةً زجاجية، ولا عدسةً مُوجّهة، ولا مظلة سياسية.
من يخدم العراق يخدمه بين الناس، لا فوق رؤوسهم، ومن يريد الشرعية فليأخذها من الشعب… لا من صندوقٍ زجاجي.
