![]() |
|
|
16
نوفمبر
2025
|
هل مقاطعة الصدر .. هي تصحيح للمسيرة ام بانتظار سقوط الاخرين ؟ جعفر محيي الدين -النجف
نشر منذ 3 ساعة - عدد المشاهدات : 21
|
بعد انتهاء الانتخابات عاد المشهد السياسي في العراق إلى حالته المربكة التي يتقدم فيها السؤال على الجواب ويصبح الصمت أحياناً أثقل من البيان نفسه فوسط سباق الكتل نحو تشكيل الحكومة وارتفاع الأصوات التي تبحث عن موقع أو دور سياسي يبرز رجل اختار أن لا يقول شيئاً فصار الأكثر حضوراً بينهم إن سكون السيد مقتدى الصدر هو الحدث الحقيقي الذي يلتفت له الجميع حتى قبل نتائج المقاعد والتحالفات.
هذا الصمت ليس انعزالاً ولا هو انسحاب من الدور السياسي إنما هو قراءة دقيقة للمرحلة قراءة رجل يعرف أن التدخل في لحظة ضجيج قد يفقده قيمة الكلمة وأن الانتظار قد يمنحه مساحة أعلى لرؤية ما يختبئ خلف المواقف المعلنة وكأن الصدر يراقب المشهد من مكان لا يصل إليه ضجيج السياسة يترك الباب مفتوحا أمام الآخرين ليجربوا و يكتشفوا وربما يسقطوا بينما يحتفظ هو بخيط التأثير دون أن يمد يده فعلاً إلى الطاولة.
الكثيرون يتساءلون لماذا لم يتكلم؟ ولماذا لا يعلن موقفا واضحا تجاه تشكيل الحكومة؟ والجواب الذي لا يقال لكنه يفهم أن الصدر يدرك ان موقف واحد منه قادر على تغيير مسار المشهد برمته وأن الصبر أحياناً أشد وطأة على خصومه من المواجهة المباشرة فالصمت هنا ليس ضعف إنما اختبار وتركاً للآخرين كي يظهروا حقيقة قدرتهم على إدارة الدولة من دون وجوده كما ان صمته وحده يكفي لإرباك الكتل وبعث رسائل مبطنة بأن الرجل لم يغادر موقعه انما يراقب كل خطوة وأن العودة ليست معجلة ولا مستعجلة لكنها محتملة في أي لحظة يشعر فيها أن الشارع ينتظر صوته.
وكلما مرت الأيام يصبح السؤال أكثر حدة هل تستطيع القوى السياسية أن تستمر بثقة من دون معرفة ما إذا كان الصدر موافق أو معترض؟ وهل يمكن لحكومة تتشكل اليوم أن تصمد إذا كانت القوة الشعبية الأكبر ما زالت خارج اللعبة تراقب وتنتظر؟ هل هذا الصمت هو تمهيد لعودة أكبر أم أنه رسالة توبيخية للطبقة السياسية كي تعود إلى رشدها؟.
المشهد العراقي يتقدم نحو مرحلة دقيقة، ليست مبنية على المقاعد انما على القدرة الحقيقية لإدارة دولة أنهكتها الأزمات والناس اليوم لا تبحث عن وعود انما عن رجل يستطيع أن يضع قدميه على أرض الواقع بثقة ويجعل من السلطة وسيلة خدمة لا وسيلة صراع وهنا يظهر سؤال آخر من سيكون رجل المرحلة؟
ومن يمتلك الجرأة على حسم الفوضى والقدرة على التكلم بلغة الدولة لا لغة الصفقات؟
ومن يمتلك الشرعية الشعبية التي تمنحه القدرة على تهدئة الشارع وإقناعه بأن القادم أفضل؟
وفي عمق كل هذه الأسئلة يبقى حضور السيد مقتدى حتى وهو بعيد عن المشهد لا يمكن تجاوزه ،فالشارع الذي انتخبه سابقاً لم يتخل عنه والقوى التي تراقب خطواته تعرف جيداً أن الكلمة التي لا يقولها الآن ستصبح في المستقبل أثقل من أي خطاب رسمي كما إن صمته رسالة واضحة دعوا المشهد يتكلم من دوني وسأعرف متى أعود وإن عدت فلن تكون عودة عابرة انما عودة تحدد شكل المرحلة كلها.
ومع ذلك تبقى الأسئلة معلقة في ذهن كل متابع هل تنتظر بقية الكتل السياسية كلمة من رجل لا يريد أن يقولها؟ وهل يدرك الآخرون أن اللعب في الفراغ الذي تركه الصدر قد يكون أخطر من مواجهته ذاتها؟ أم أن الصدر يتعمد أن يضع الجميع أمام امتحانهم الأخير قبل أن يحسم هو المشهد بقراره في اللحظة التي يراها مناسبة ؟.
