22
اكتوبر
2025
اميركا: من أرض الأحلام إلى جمهورية الخوف.. حين يتحول الحلم الأميركي إلى كابوس
نشر منذ 3 ساعة - عدد المشاهدات : 8

بقلم / عبدالعظيم حالوب/هولندا

في بلدٍ تأسّس على شعارات الحرية والمساواة، تتكشف اليوم مفارقاتٌ تُظهر الوجه المظلم لما يُعرف بـ"الحلم الأميركي". فبينما يرفع الساسة  لافتات العدالة والفرص المتكافئة، تتصدع البنية الداخلية للمجتمع الأميركي تحت وطأة الانقسام الحاد، والعنصرية المتجددة، والفساد المؤسسي، والاحتقان السياسي الذي لم يعد يخفي ملامح “جمهورية متأرجحة” أكثر مما هي “ديمقراطية راسخة”.

مشهد التظاهرات المليونية الأخيرة التي اجتاحت مدنًا كبرى تحت شعار "لا ملوك" (No Kings) لم يكن مجرد احتجاجٍ على غلاء المعيشة أو السياسات الاقتصادية، بل كان تعبيرًا عن رفضٍ شامل لهيمنة رأس المال، وتآكل الثقة بالمؤسسات، وتحوّل الرئاسة الأميركية إلى مسرحٍ للصراع الشخصي والمصالح الحزبية.

وقد تعمّد الرئيس دونالد ترمب — في أسلوبه الخطابي المألوف — صبّ الزيت على النار، مستفزًا المتظاهرين بتصريحاتٍ تقلل من شأن حراكهم وتصورهم كـ"فوضويين"، مما زاد من حدة المواجهة في الشارع وأعاد للأذهان مشاهد الانقسام الدموي التي عاشتها البلاد عقب حادثة "الكابيتول" في يناير 2021.

ورغم صعوبة الانفصال من الناحية الدستورية، بدأت تلوح في الأفق أصوات متزايدة في ولايات الجنوب والغرب الأوسط تتحدث علنًا عن “حق تقرير المصير”، في ظل شعور متنامٍ بأن الاتحاد الفيدرالي لم يعد يجسد طموحات جميع الأميركيين.

فأميركا اليوم ليست فقط منقسمة بين ديمقراطيين وجمهوريين، بل بين رؤيتين متناقضتين تمامًا لمفهوم الدولة والمواطنة: واحدة تؤمن بالتعددية والانفتاح، وأخرى تنزع نحو القومية والانغلاق.

وفي قلب هذا الانقسام، تبرز قصصٌ إنسانية تكشف حجم التصدع الأخلاقي والمؤسسي الذي تعيشه البلاد.

من بين هذه القصص ما حدث مع سوبرامانيام فيدام، الرجل البريء الذي قضى 43 عامًا خلف القضبان في بنسلفانيا بتهمة قتل لم يرتكبها.

أُدين فيدام في ثمانينيات القرن الماضي بناءً على شبهات واهية، وعاش أربعة عقود من الظلم حتى ظهرت أدلة جديدة أثبتت أن الرصاصة التي قتلت الضحية لم تأتِ من السلاح المرتبط به.

لكن المأساة لم تنتهِ بالإفراج عنه: فقبل أن يتذوق طعم الحرية أو يحتضن عائلته، اعتقلته سلطات الهجرة الأميركية لترحيله إلى الهند، بلدٍ لم يعرفه يومًا، لأنه وُلد هناك قبل أن يُهاجر رضيعًا إلى الولايات المتحدة.

هكذا، تتجسد في قصة فيدام المأساة الأميركية : نظام عدالة يخطئ ولا يعتذر، ومؤسسات هجرة تعاقب الضحية مرتين، ومجتمع فقد إحساسه بالعدالة الاجتماعية التي طالما تباهى بها أمام العالم.

ابنة شقيقه، زوي، لخّصت المشهد بمرارة حين قالت:

"لقد سُلبت منه حياته مرتين — مرة باسم القانون، ومرة باسم الوطن"./انتهى

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار