![]() |
|
8
يوليو
2025
|
الدمعة الخرساء.. للشاعر بدر شاكر السياب
نشر منذ 1 يوم - عدد المشاهدات : 24
|
هذه
القصيدة ( الدمعة الخرساء) التي نظّمها شاعر العراق والعرب الراحل ( بدر شاكر
السياب ) بثانوية العشار في البصرة والقاها في ليلة 10 محرم سنة 1948م في حشد ضم
اكثر من 1500 مستمع :
ارم
السماء بنظرة استهزاء
واجعل
شرابك من دم الأشلاءِ
واسحق
بظلك كل عرض ناصع
وأبح
لنعلك أعظم الضعفاءِ
واملأ
سراجك إن تقضى زيته
مما
تدرّ نواضب الأثداءِ
واخلع
عليه كما تشاء ذبالة
هُدب
الرضيع وحلمة العذراءِ
واسدد
بغيّك يا يزيد فقد ثوى
عنك
(الحسين) ممزق الأحشاءِ
والليل
أظلم، والقطيع كما ترى
يرنو
إليك بأعين بلهاءِ
أحنى
لسوطك شاحبات ظهوره
شأن
الذليل ودبّ في إسترخاءِ
وإذا
اشتكى فمن المغيث؟ وان غفا!
أين
المهيب به إلى العلياءِ؟
مثّلت
غدرك.. فأقشعر لهوله
قلبي
وثار، وزلزلت أعضائيِ
واستقطرت
عيني الدموع ودنقت
فيها
بقايا دمعة خرساءِ
يطفو
ويرسب في خيالي دونها
ظل
أدق من الجناح النائيِ
حيوان
في قعر الجحيم معلق
ما
بين ألسنة اللظى الحمراءِ
أبصرت
ظلك يا (يزيد) يرجه
موج
اللهيب وعاصف الأنواءِ
رأس
تكلل بالخنا، واعتاض عن
ذاك
النضار بحية رقطاءِ
ويدان
موثقتان بالسوط الذي
قد
كان يعبث أمس بالأحياءِ
قم
واسمع اسمك وهو يغدو سُبة
وانظر
لمجدك وهو محضُ هباءِ
وانظر
إلى الأجيال يأخذ مقبل
عن
ذاهب ذكرى أبي الشهداءِ
عصفت
بي الذكرى فألقت ظلها
في
ناظريّ، كواكب الصحراءِ
مبهورة
الأضواء يغشى مضها
أشباح
ركب لجّ في الأسراءِ
أضفى
عليه الليل ستراً حيك من
عرف
الجنان ومن ظلال حراءِ
أسرى
ونام، وليس إلا همسة
باسم
(الحسين) وجهشة إستبكاءِ
تلك
ابنة الزهراء ولهى راعها
حلم
ألمّ بها مع الظلماءِ
تنبي
أخاها وهي تخفي وجهها
ذعراً،
وتلوي الجيد من إعياءِ
عن
ذلك السهل الملبّد يرتمي
في
الأفق مثل الغيمة السوداءِ
يكتظ
بالأشباح ظمأى حشرجت
ثم
اشرأبت في انتظار الماءِ
منغورة
الأفواه إلا جثة
من
غير رأس لطخت بدماءِ
زحفت
إلى ماء تراءى، ثم لم
تبلغه
وأنكفأت على الحصباءِ
غير
(الحسين) تصده عما انتوى
رؤيا..
فكفي يا أبنة الزهراءِ
مَن
للضعاف إذا استغاثوا رُضّعاً
عينا
(يزيد) سوى فتى الهيجاءِ؟
بأبي
عطاشى لاغبين، ورُضّعاً
صُفر
الشفاه خمائص الأحشاءِ
أيد
تمد إلى السماء، وأعين
ترنو
إلى الماء القريب النائيِ
طام،
أحل لكل صادٍ ورده
من
سائب يعوي ومن رقطاءِ
عز
الحسين وجل عن أن يشتري
ري
الغليل بخطة نكراءِ
إلا
يموت ولا يوالي ما رقاً
جم
الخطايا، طائش الأهواءِ
فليصرعوه،
كما أرادوا إنما
ما
ذنب أطفال وذنب نساءِ
عاجت
بي الذكرى عليها ساعة
مر
الزمان بها على استحياءِ
خفقت
لتكشف عن رضيع ناحل
ذبلت
مراشفه، ذبول خباءِ
ظمآن
بين يدي أبيه كأنه
فرخ
القطاة يدف في نكباءِ
لاح
الفرات له فأجهش باسطاً
يمناه
نحو اللجة الزرقاءِ
واستشفع
الأب حابسيه على الصدى
بالطفل
يومي باليد البيضاءِ
رجي
الرواء فكان سهماً حزّ في
نحر
الرضيع وضحكة استهزاءِ
فأهتز
واختلج اختلاجة طائر
ظمآن
رفّ ومات قرب الماءِ
ذكرى
ألّمتْ، فأقشعر لهولها
قلبي
وثار، وزلزلت أعضائي
منقول
////