5
يونيو
2023
البرازيلي ايدو يكشف اسرار تأهل العراق لنهائي كأس العالم عام 1986
نشر منذ Jun 05 23 am30 07:59 AM - عدد المشاهدات : 267

متابعة /علي مزهر الغضبان 

في الدوحة حاور د. كاظم العبادي المدرب البرازيلي الشهير إيدو ، فروى له أسرار ما جرى في عام 1986 وكيف تأهل العراق لنهائي كأس العالم، وكيف أضاع تلك الفرصة التاريخية، كاشفا عن دور عدي صدام حسين في ذلك السيناريو الغريب.

لأول مرة في تاريخ الكرة العراقية تمكن العراق من التعاقد مع كادر برازيلي في عام 1985 (الكادر البرازيلي الذي تم التعاقد معه ضم المدربين جورج فييرا، ايدو، زيكا، ومدرب اللياقة لانسيتا) وكانت هذه الخطوة من الخطوات والقررات المهمة التي اتخذها العراق في حينه وكانت تدل على بعد نظر ورؤية صائبة فيما لو كان الهدف منها محاولة وضع الكرة العراقية على الطريق الصحيح وبناء جيل جديد من الكوادر واللاعبين العراقيين الذين بإمكانهم تحقيق الكثير من الانجازات المستقبلية ولكنها وكما ظهر بعد ذلك كانت خطوة مؤقتة، وتجربة لو حافظ العراق عليها لضمن مستقبلا باهرا لكرة القدم.

  كيف أبرم عقد عملكم مع العراق؟

إيدو: رن جرس الهاتف في بيتي في احدي ليالي عام 1985وكان المتحدث هو رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم "جوليت كوتين" ... ظننته يريد التحدث معي بامور تخص المنتخب البرازيلي حيث كنت اشرف على تدريبه ، وفوجئت عندما قال لي كوتين هل ترغب بالسفر الى العراق وتولي مهمة تدريب المنتخب العراقي كانت تلك مفاجأة لي وأردت المزيد من كوتين الذي استمر قائلا هناك وفد عراقي يفاوض الاتحاد البرازيلي بشان ترشيح أسماء للإشراف على تدريب المنتخب العراقي وإنني رشحتك لهذه المهمة رغم ان الكرة البرازيلية بحاجة اليك ... اتفقنا ان التقي الوفد العراقي المفاوض في اليوم التالي لأعرف التفاصيل ... بشرط ان لا يكون بيننا اي سمسار حيث ارفض وجود السماسرة رغم إنني كنت المدرب الأول للمنتخب البرازيلي ... قبل لقائي بالوفد العراقي علمت أنهم قاموا بتقييم عملي ككل واطلعوا على سيرتي الذاتية لذلك لم تكن أمامنا اية صعوبات للتوصل الى اتفاق بشان المهمة الجديدة .

لحظت أن العراقيين كانوا يبحثون عن طاقم كامل، تم التعاقد معي ومع شقيقي، دون تحديد التفاصيل الدقيقة، أما عن جورج فييرا فلم يكن لي أي ارتباط عملي معه ولم نعمل معا من قبل رغم معرفتنا ببعض، لم أرشحه او يرشحني بل في الوقت الذي تعاقد العراق معي تم التعاقد معه ولكن بطريقة مغايرة حيث تم التعاقد معه عبر وسيط سمسار اسمه مانوئيل اسبيزم.

لم أكن اعرف طبيعة عملي في العراق حيث لم يتطرق احد إلى التفاصيل وكان العقد المبرم ينص على أن اشرف على المنتخب العراقي ضمن كادر تدريبي برازيلي، لم تكن تلك مجازفة لأني كنت محترفا وكنت متهيئا لآي شيء ويضيف ايدو كنت متوقعا ان أكون المدرب الأول للمنتخب العراقي رغم غموض العقد حول ذلك، اتفقنا بعد وصولنا إلى بغداد أن نعمل سوية لتطوير المنتخب العراقي، واتفقنا على أبجديات وأولويات العمل لخدمة المنتخب العراقي.

حدث إشكال كبير حول تسمية المدرب الأول، لم أفكر إطلاقا باني سأكون الرجل الثاني لآني كنت مدربا للبرازيل، لكنني تنازلت عن هذه المهمة احتراما لـ فييرا الأكبر عمرا خاصة بعد أن اتفقنا على أن نعمل مع بعض بدون الاهتمام للتسميات لأنه كانت أمامنا مهمة تأهيل العراق لنهائيات كاس العالم.

لماذا وكيف أبعد جورج فييرا؟

كنت أتولى قيادة المنتخب العراقي من الناحية الفعلية والعملية وهنا أريد أن اكشف لك السر حول الأسباب الحقيقية وراء إبعاد جورج فييرا التي جاءت مباشرة بعد تأهل العراق لكاس العالم، حيث لا يعرف العراقيون السبب وراء آمر إبعاده الذي كان مفاجئا للأوساط الرياضية، الحقيقة التي اعرفها رغم كل الشائعات أن إبعاد فييرا عن مهمته كان بسبب مرضه وعدم تمكنه من قيادة المنتخب العراقي الأمر الذي جعله يتغيب كثيرا عن حضور الوحدات التدريبية، وكان من الطبيعي أن يتم إعفاؤه من مهمته بعد أسابيع معدودة من تأهل العراق إلى نهائيات كاس العالم 1986.

واجد بعد 25 عاما ان أسلوب إعداد المنتخب العراقي لم يتغير ، حيث تسلمنا في عام 1985 مجموعة أسماء من اللاعبين قبل أسابيع محدودة لإعدادهم لأهم حدث رياضي في تاريخ العراق، وفي عام 2011 تسلمنا مجموعة أسماء لاعبي المنتخب العراقي قبل بدء الجولة الثالثة من تصفيات كاس العالم ... هناك تشابه كبير في القرارات الإدارية رغم اختلاف الزمن وتبدل الوجوه.

ماذا حدث بعد تأهل العراق؟

بعد أن استلمت قيادة المنتخب العراقي ، اختلفت المهمة ، حيث أصبح المطلوب إعداد المنتخب العراق لنهائيات كاس العالم ومقابلة منتخبات كبيرة مثل المكسيك، بلجيكا، وباراغواي ، طريقة الإعداد اختلفت ، قمت بملاحظة كل لاعب، كنا نجمع الإحصائيات ونقيم ايجابياته وسلبياته، ونسجل التطور في النواحي الفنية، حاولت أن أشكل فريقا يجمع ما بين الخبرة والشباب، كنت ابحث في الملاعب العراقية عن اللاعبين الذين من الممكن ان استفيد منهم وكنت احضر اكبر عدد من المباريات من اجل ذلك وتم استدعاء وجوه جديدة مثل معد إبراهيم وغيره ، هيأت حوالي 30 لاعبا للحدث العالمي وتركت أمر تسمية الفريق للأيام والأسابيع الأخيرة ، طورت قابليات اللاعبين بشكل فردي وخاصة احمد راضي وناطق هاشم وباسل كوركيس وغيرهم ، وتحسن أداء الفريق في الدفاع والهجوم فنيا ، خرجت عن الإطار الإقليمي من حيث المباريات الودية حيث لعبنا مباريات قوية مع فرق ومنتخبات معروفة وقوية وأقمنا معسكرا في البرازيل.

أسباب عدم قيادة ايدو للمنتخب العراقي في نهائيات كاس العالم؟

لم يعكر على تكملة دوري في تلك المرحلة سوى شخصية عدي صدام، اكره السياسة ولا أحب التكلم فيها ، لكن سأحدثك عما ما جرى ورأيي الشخصي بدون وجود هذا العامل ، كانت قيادة اتحاد كرة القدم بيد رجل واحد وكانت من ايجابياته انه كان يوفر لك كل ما يريده المنتخب وقد تجاوزنا بذلك الكثير من مراحل الروتين وإضاعة الوقت عندما وافق على معسكر البرازيل مثلا، لم نضيع الوقت في الحصول على الموافقات وتوفير المال، كانت الخطوات تجري بسرعة لترتيب المعسكر، وكذلك عندما طلبت عدد من المباريات الودية كانت عملية مفاتحة المنتخبات تتم بسرعة، وكنت فقط اسأل عن هوية المنتخبات والفترات الزمنية المقترحة ، لكن الرجل كان ديكتاتوريا، منذ استلامي المهمة او منذ إبعاد جورج فييرا عن المنتخب العراقي وضع علي ضغطا غير مبرر حيث كان دائما يطرح فكرة استقدام مدرب برازيلي ليعمل الى جانبي او بصفة مستشار على الأقل وطرحت علي أسماء عديدة، كنت ارفض الفكرة باستمرار، وكنت أقول له ثق بإمكانيتي "البرازيل وضعت ثقتها بي قبل ان استلم مهمة تدريب المنتخب العراقي، وأريدك ان تفعل نفس الشيء".

هذا السجال بيني وبين عدي استمر خلال الأشهر التي كنت أهيأ فيها العراق لكاس العالم ، لم أكن أطيق أسلوب عدي، حاول التدخل في عدد من الأمور الفنية بالبداية رفضناها، فاضطر الى عدم التدخل مجددا طوال فترة قيادتي للمنتخب العراقي، لكن تدخلاته كانت تتم بشكل غير مباشر وتتم مع ومن خلال اللاعبين ، كان بالإمكان آن يكون دوره أفضل لو انه قدم الدعم المعنوي للاعبين ... كان يعشق السيطرة عليهم ، لم أكن قادرا على السيطرة على هذا الجانب لأنها أمور كانت تتم خلف ظهري.

ما هي أخطاء عدي في تلك المرحلة ؟

عمل استفتاء سري للاعبي المنتخب العراقي، بدون علمي، عبارة عن اخذ رأي لاعبي المنتخب العراقي باستمرار ايدو بقيادة المنتخب العراقي منفردا (كمدرب أول)، أو استدعاء مدرب عالمي للعمل الى جانبه (يقول ايدو حتى نتيجة الاستفتاء غير المحترف، كانت لصالح بقائي واستمراري لقيادة المنتخب العراقي لثقة اللاعبين بإمكانياتي).

فوجئت بحضور المدرب البرازيلي ايفرستو ووجوده على المدرجات في إحدى الوحدات التدريبية للمنتخب العراقي!

مشكلة عدي انه لا يستشيرك في العديد من قراراته، كان يقرر دون العودة لي، طلب مني مقابلته بعد الوحدة التدريبية التي حضرها ايفرستو ، طلب مني التعاون مع ايفرستو ،كان ردي له واضحا وقاطعا برفضي العمل إلى جانب ايفرستو .

كنت في حينها اعرف كل جزئية عن لاعبي المنتخب العراقي، والتغيير بالتأكيد سيعطل البناء ، قلت لعدي لا أريد تكرار تجربة فييرا مع ايفرستو، الفريق سيغرق وايفرستو رجل مغرور سلطوي معظم قراراته فردية ، لم يتعامل معي ومع الحدث باحترافية ولم نتقابل أو نتحدث عن المنتخب العراقي ولم يطلب استشارتي بشان الفريق، كنت مستعدا ان أقدم له النصيحة بخصوص المنتخب العراقي ، أنا رجل محترف وأحببت البلد وكنت مستعدا لمساعدته، لكن لم يمتلك ايفرستو "الاتيكيت" للتعامل مع الموقف واستلم المنتخب بدون أي معلومات.

وضعت استقالتي أمام عدي بعد ان استنفدت كل الحلول وبعد ان يئست من محاولة إقناعه بصواب رأيي ، طلب مقابلتي مجددا وقال لي إن وجودك ضروري ومهم للمنتخب لأنك بدأت مرحلة البناء وانك تعرف الكثير ولديك الكثير لتقدمه .

رفضت ، فوعدني بزيادة مرتبي 3 مرات ،ورفضت، لا اعرف كيف لم يفهم انني رجل مبدأي ، وعد بتسليمي مهمة تدريب منتخب الشباب، والبقاء في العراق في أي مهمة أخرى اقترحها ولكنني رفضت كل ذلك وفضلت العودة الى البرازيل.

نهاية قصة ايدو في بغداد؟

بعد أن اتضحت الأمور، استلم ايفرستو المنتخب، وتم ترتيب أوراق سفري والعودة إلى البرازيل ، قبل السفر فوجئت بحضور عدي ، كنت أتوقع منه أن يسألني عن بعض الأمور الفنية حول المنتخب العراقي، لكن ساعات الوداع الأخيرة كانت مختلفة حيث ركز عدي على شكري والإشادة بدوري الكبير مع المنتخب العراقي وطلب مجددا بقائي في بغداد، وبعد أن تأكد من عدم رغبتي بالبقاء، طلب من رجال حمايته أن يجلبوا له صندوقا قام بفتحه أمامي فكان مليئا بالمجوهرات والماس ، وقال لي "هذه هدية بسيطة لزوجتك وأرجو أن تبلغها سلامي وتخبرها بان في بيتها رجل محترم"، ومازلت احتفظ بهذا الصندوق./ انتهى

 

 

 

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار