23
يونيو
2020
معالم وذكريات وصفحات تبعثُ الشوق لأيام أبي الخصيب ..
نشر منذ Jun 23 20 pm30 03:01 PM - عدد المشاهدات : 1648


في شهر نيسان عام 1969 وخلال انعقاد مهرجان الشعر التاسع والمؤتمر السابع للأدباء العرب .. كانت هناك قافلـة من السيارات الكبيرة تقلّ أدباء وشعراء ، متجهة إلى مدينة أبي الخصيب .. كان هدفها زيارة قرية جيكور حيث توجد دار جد الشاعر بدر شــاكر السياب ، والتي لم يبعــد عنهــا النهر الصغيــــر ( بويب ) الذي أرّخه السياب في شعره الثر إلاّ الأمتار القليلة ..

جيكور قرية السياب .. القرية الحالمة والجميلة القابعة في جنوب العراق على ضفاف نهر شط العرب ، والتي منها ومن المختارة المجاورة لهـا إنطلقت أول ثورة ضد بني العباس في سنة 255 هجرية ، يقودها صاحب الزنج ( علي بن أحمد بن محمد ) .. وفي الطريق المكتظ بأشجار النخيل وأشجار الفاكهة والياس والحناء ، كان من بين الركاب شعراء وأدباء عرب وأجانب ، وكان الأستاذ الدكتور محمد مندور ( الأديب والناقد المصري ) من بين جموع القافلة ، ولما رأى ذلك الطريق المكتظ بالأشجار وبطول ما يُقارب 17 كيلومتراً من العشار إلى أبي الخصيب ، إندهش ولم يحجب تعجبه فيه بل نـدَّ لحظتها بقوله :

الطريق مثلها توجد في فرنسا ، لكنها تمتاز عنها  بأنّ أشجارها تثمر بجميع أصناف الثمر ، لذا فإنّ مدينة أبي الخصيب قبل الحرب العراقية الإيرانية كانت إلى حدٍّ ما تشبه جنة من جنان الله على سطح الأرض ، لكثرة جداولها وأنهارها وبساتينها الخضر الشاسعة ولكثرة جسورها وتخومها ومتونها الزاهرة ..فهي صفحة تبعثُ الذكرى لمن ظلّ في الأرض مقيماً لا يغيب وبمن غادرها وهو الأبن البار تبعث فيه الشوق لأيامها المضمخة بأطايب الورد والياسمين .. فيها كنا نستلقي على عشبها وعلى ضفاف أنهارها تحدونا الآمال العريضة ، ونتغنى بكل ذرة من ترابها ، وفي كل قطرة ماء تتدفق فوق ضفافها ، إنها حكاية جميلة .. حكاية الليالي المقمرة ، والضوء الأبدي في طيف أسحارها وحكاية الشمس في غروبها وأصيلها وحكايــة زوارقها الملونة وأشرعتها البيضاء ، تنساب كأنها لآلئ في خضم خيالات الأشجار المنعكسة ظلالها على صفحات الماء العذب ..!!

عيناك غابتـا نخيل ســــاعة الســحر

أو شرفتان راح ينأى عنهمـــا القمر

عيناك حين تبســـمان تورق الكروم

وترقص الأضواء كالأقمار في نهر

يرجه المجذاف وهناً ســاعة السحر

كأنما تنبض في غوريهما النجـــوم  ( بدر السياب )

 تسمية أبي الخصيب :

تسمية (أبو الخصيب ) تعود إلى زمن الدولة العباسية ، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى القائد العباسي ( أبو الخصيب مرزوق ) أرسله الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 140 هجرية على رأس جيش لحماية المناطق التابعة للدولة من غزوات الأعداء ولغرض بنائها وشق الأنهر وتطويرها ، حيث قام بحفر النهر ( الذي سُمي باسمه ــ أبو الخصيب ) ولإيصال الماء إلى القرى البعيدة .. ويطلق على المنطقة بهذا الاسم من السيبة حتى نهر الخورة ..

النواحي التابعة للقضاء ــ ناحية السيبة سابقاً ومن ثم أصبحت تابعة إلى قضاء الفاو ..

تبلغ مساحة أبي الخصيب حوالي 2298 متراً مربعاً وعدد نفوسه يبلغ ما يقارب ( 600 ) ستمائة ألف نسمة ، ينتمي سكانها إلى أصول عربية ضاربة في القدم .

ـــ إفتتحت أول مدرسة أهلية في بيت يقع في منطقة ( شيخ ضروة ) وكان يدخلها الأولاد من الذين ختموا القرآن الكريم ، وهذه المدرسة كانت النواة لافتتاح مدرسة المحمودية عام 1911 وسمي باسم متبرعها الحاج محمود باشا العبدالواحد ، كما افتتحت في منطقة جلاب مدرسة أبي الخصيب للبنات عام 1929 ، كما تم افتتاح بقية المدارس / مدرسة حمدان عام 1921 / مدرسة مهيجران عام 1912/ مدرسة يوسفان عام 1926 / مدرسة باب سليمان عام 1932 / مدرسة القنطرة عام 1932 ،  كما تم افتتاح متوسطة أبي الخصيب عام 1947 ...الخ ..

ـــ في أبي الخصيب تنتشر الجوامع والمساجد القديمة والحديثة إضافة إلى الحسينيات ، كما توجد كثير من المراقد القديمة : مرقد سليمان بن علي في كوت الزين ومرقد عباس بن مرداس في جنوب قرية الفياضي ومرقد الشيخ ابراهيم / مرقد ( ابو الحمد ) / مرقد رجب الرفاعي / مرقد ابو الجوزي / مرقد خليفة بن علي ..

ـــ إفتتح في تاريخ 2/11 / 1969 معمل لصناعة الأسمدة تابع إلى الشركة العامة لصناعة الأسمدة ، وكان أول إنتاج للمعمل بتأريخ 27/ 6 / 1971 لإنتاج سماد اليوريا والأمونيا ..

ـــ أول طبيب إسمه أفلاطون في مستوصف أبي الخصيب ، بعده جاء في 1930 الطبيب ( علي فكري ) سوري الجنسية ، وتم إنشاء مستشفى أبي الخصيب وإفتتح بتأريخ 7/3 / 1956 .. وفي عام 1954 تم إنشاء مستوصف للبيطرة ..

 

أهم الصناعات التي إشتهر بها أبو الخصيب :

*صناعة الزوارق ( الأبلام ) كانت هذه الصناعة تنتشر في مناطق عديدة من أبي  الخصيب ..

*صناعة الجومة ، وهي مكائن يدوية لصناعة الأقمشة الصوفية وغيرها في كثير من مناطق أبي الخصيب .

*صناعة الأواني الفخارية لوجود عدد كبير من الدوغات ..

*صناعة حلاوة نهر خوز الشهيرة التي إبتكرها الحاج عبدالرحمن محمد ومازالت تصنع لحد هذا اليوم بإشراف ولده صالح وأحفاده .

*صناعة الأسرة والكراسي والأقفاص والرك من جريد سعف النخيل ..

*تجارة وتصنيع التمور من قبل مكابس عديدة وبإشراف شركات أجنبية كـبيت جوك وأفريكان  ..

*الصناعات الشعبية كصناعة المراوح اليدوية وسفرة الطعام والبلة والزنبيل من خوص سعف النخيل .

*صناعة وحياكة الهيالة والسلية من خيوط النايلون .

*صناعة خيوط الحرير من خلال تربية دود القز .

*صناعة أبدان سيارات الباص الخشبية .

وهناك صناعات أخرى مثل صناعة الخل من تمر الزهدي وصناعة ماء اللقاح وماء الورد والسبع مايات ..

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الحالة الثقافية في أبي الخصيب :

إفتتحت المكتبة العامة في أبي الخصيب من قبل رئيس الوزراء عبدالرحمن البزاز بتاريخ 25 / 12/ 1965 .. وفيها كثير من الكتب الأدبية والعلمية والتأريخية والمجلدات المتنوعة ..كما إفتتحت سنة 1972 قاعة كبيرة لغرض الإحتفالات والإجتماعات  الثقافية والإجتماعية ..

ظهر في أبي الخصيب عدد كبير من الأدباء والشعراء والمثقفين والفنانين والصحفيين :

 * الشعراء : بدر شاكر السياب / سعدي يوسف / عبداللطيف الدليشي / صالح فاضل الخصيبي / مصطفى عبدالله / زهور دكسن الدكتور مصطفى مهدي حسين / علي اسماعيل / محمد علي اسماعيل / عبداللطيف النائب / فيصل مهدي حسين / عبدالمجيد ابراهيم العبدالله / خليل ابراهيم العبدالله / عبدالباقي لفتة / عبدالجبار داود البصري / عبد الحافظ داود /قاسم محمد علي اسماعيل / مؤيد العبدالواحد / الدكتور حسين فالح نجم / ياسين صالح العبود / حميد السيد ماجد / عثمان أحمد السبتي / جمال الفريح / عبدالحسين الشهباز / فاخر مطرود التميمي/ قصي محمد صالح / ناظم عبدالله / عبدالله نجم منصور / عثمان نجم منصور / سالم حسن السلمان / عدي الشاوي .

* الأدباء : إسماعيل فهد إسماعيل / الدكتور طارق عبدالوهاب المناصير / ناظم عبدالوهاب المناصير / سعد عبدالوهاب المناصير / الدكتور رياض مصطفى الماضي / أسعد خلف / داود الفريح / الدكتور إياد عبدالمجيد ابراهيم / الدكتور وليد عبدالمجيد ابراهيم / طارق أحمد ابراهيم .

* الفنانون : ياسين الراوي / ياسين صالح العبود /حميد الهارون /نعمة الهارون/ الدكتور سيف الحمداني / منقذ الشريدة / عصام الشريدة / عبدالله عبدالودود/ ناصر الشاوي / وضاء الحمداني / عبداللطيف عبدالمجيد /  مصطفى السرحان / عبدالمجيد اسماعيل / قاسم الفريح /

* الصحفيون : عبدالعزيز عبدالمجيد بركات ( جريدة المنار ) ، رجب عبدالعزيز بركات ( جريدة البريد ) ، محمود عبدالرزاق العامر ( الدستور ) ، شاكر النعمة ( الثغر ) .

أهم العوائل التي عاشت في أبي الخصيب:

بيت الهارون / بيت الغانم / بيت المناصير / بيت الخالد / بيت النائب / بيت النقيب / بيت الجنديل / الموسوي / آل أسحاق / بيت الزعبي / العبدالواحد / بيت السياب / بيت الحزبة / عائلة دكسن / بيت العبود / التميمي / الكنعان / العلاونة / آل حسيبي / بيت العمر / بيت الياسين المعروف / بيت الشريدة / بيت العقرب /بيت التماري/ بيت السبتي / بيت الحنظل / الهلالي / الحمداني / الجاووش / الزوار / بيت الجلبي / بيت البكر / السادة الرفاعية ( الكرية ).   

القرى :

قرى أبي الخصيب كثيرة وعديدة منها :

بلد سلطان / باب سليمان / باب ميدان / باب الطويل / باب ميدان / باب دباغ / كوت الزين / الفياضي / العامية / مهيجران / يوسفان / حمدان / عويسيان / ابو مغيرة / محيلة / نهرخوز / ابو الجوزي / جيكور / كوت بازل / جلاب / القنطرة / آل ابراهيم / النزيلة / السيبليات / البلد .

أهم الجزر في أبي الخصيب :

الشمشومية / أم الرصاص / القطعة / الدواسر / الدويب /البلجانية / المطوعة / الزيادية

الأنهار :

نهر أبي الخصيب ( باب سليمان ) /الخورة / ابو مغيرة / نهر حمدان / نهر ابوفلوس / نهر خوز / نهر باب رمانه / نهر حبابة / نهر السراجي ( عويسيان ) .

الشناشيل : تميز قضاء أبي الخصيب بشناشيله أو ما تسمى عند المصريين (المشربية ) ظهرت الشناشيل لأول مرة في القرن السابع عشر الميلادي خلدها الشاعر بدر السياب في قصيدته ( شناشيل إبنة الجلبي ) .. تبنى الشناشيل من الخشب بدل الآجر أو الحديد للتغلب على مشاكل الثقل وفي توسيع البناء للحصول على برودة الجو الداخلي للغرف .. إندثر كثير منها ولم يبق إلاّ القليل وهذه القلة منها تتعرض للإهمال والتخريب ، كما أن زحف العمارة الحديثة يشكل تهديداً كبيراً لإندثارها كلياً ..

  ففي أبي الخصيب شناشيل بيت الهارون ، بناه محمد الهارون من الطابوق ، أكمل بناءه عام 1909 وكان البناء بالطابوق المزخرف والعادي والخشب الساج تم استيراده من الهند .. البيت يتكون من 28 غرفة ففي الطابق الأرضي  14 غرفة وفي الطابق العلوي 9 غرف وفي المدخل 7 غرف بما فيها الديوانية والمطبخ والحمامات ..

 أما القصر الثاني بناه الحاج غانم الهارون عام 1927 في الجهة الشمالية وملاصقاً لقصر العائلة الأول على ضفاف نهر أبي الخصيب ، وكانت كلفة البناء مائة ألف روبية .. عدد الغرف 3 ثلاث وسرداب في الطابق الأرضي وسبع غرف في الطابق العلوي والشناشيل وستة أعمدة ..

أصل كلمة شناشيل ( الشاه نشيل ) وتعني مقصورة الشاه أو الملك وهناك أيضاً شناشيل محمود باشا العبدالواحد وقصور النقيب في السيبليات وقصر الزهير والحاج نعمة وقصر السباع ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  ملاحظة : بعض التفاصيل المذكورة في هذا التقرير

    مأخوذة من كتاب ( أبو الخصيب في ماضيها القريب ) لمؤلفه الأستاذ ياسين صالح العبود .. 

صور مرفقة







أخبار متعلقة
تابعنا على الفيس بوك
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار