عالمه واسع سعة علمه، والحياة تجري بمستقر لها يبرز في مسيرتها اللاحبة رجال افذاذ يتركون بصماتهم في الميدان، والأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ من هؤلاء، رجل غزير النتاج، أدى دوره بامانة العالم وصدق الإنسان المخلص لوطنه ولامته وللانسانية، اطل على الكتابة والتاليف من أبواب عديدة، فكان عميدا في البحث والآداب واللغات الشرقية، والحديث الديني والانساب والوثائق والارشفة والتقاويم والمجالس البغدادية، كان موسوعة فريدة تضم جل المعارف المفعمة بعلوم الحياة، تتملكه سمتان بارزتان في نتاجه الأولى :اهتمامه بالتراث واللغات الشرقية وادابها وابرازها على الساحة الثقافية، والثانية :عشفه لبغداد العلم والحضارة والثقافة لذا سمي عاشق بغداد وشيخها، إذ وقف الراحل حياته على البحث والتاليف يولع بهما ويجد لذة ومتاعا لايعدلهما متاع اخر، يبحث وينقب، يقرأ ويتطلع، يحقق ويراجع ويشرح ويعلق، يكتب ويؤلف، ذلك همه وتلك غايته، يقول الشيخ عيسى عبد الحميد الخاقاني عن الراحل :(العلامة حسين علي محفوظ علامة دهره، وفهامة عصره، العلامة الفذ والعبقري الجهبذ، الموسوعة العلمية الفائقة، والخميلة الأدبية الرائقة، والتحفة الخلقة الشائق، مثال سيرة الخلف الصالح بالعلم والعمل، حتى عاد زينة البلاد وقدوة العباد، ذاق الحياة يوم ان مات)، يؤكد الباحثون بأن أكثر من ألف رسالة ودراسة وبحث ومقابلة وقصيدة ومقطعة وترجمة ونبذة وتعريف من غير المحاضرات والخطب والكلمات والتعليقات والنقل والمقدم آت والتصادير والتصحيحات، كل ذلك يعود لهذا الرجل الموسوعة، وكلها مازالت مخطوطة صنفها ووضعها على رفوف ماكتبته الوافرة، اما أحاديث فقد كانت ممتعة لايمل منها، فقد حدثنا يوما عن رحلاته إلى الشرق وبالذات إفغانستان وكيف مكث فيها شهورا عديدة كي يدون اسماء القبائل العربية الموجودة هناك إضافة إلى أحاديث اخر عن العلم والعلماء والمجالس قديما وحديثا وعشقه لبغداد وماتحويه مكتبته العامرة من مخطوطات وكتب ثمينة أخرى، وكان يحب النجف حبا كبيرا، وسجلت ماقال عنها يوما :(مثابة العلم الجم، ومعدن الخلق العظيم، وموقع الرأي الأصيل، ومقر التراث المجيد، محل الحكمة والاجتهاد، ومكانة العقل والفضل، ومظنة الطهارة والنزاهة)، واذكر انه كان يكتب في صحيفة (الجمهورية) سلسلة مقالات تراثية بعنوان (ثمرات) تحدث فيها عن مواضيع تراثية منوعة، كان العلامة الراحل حسين علي محفوظ ذا عطاء مميز ومثمر، انه رمز علمي كبير وارث ثقافي غزير، مناشدتي للجهات جميعها بطبع نتاجه خدمة للثقافة والتراث.